المشاركات

يوميات محاربة

صورة
أودري لورد 1 إهداء إلى والديّ اللذين حاربا السرطان حتى الرمق الأخير، ولكل المحاربين الشجعان (المترجمة).. 26/1/1979 لا أشعر بالأمل كثيرًا هذه الأيام سواء أكان الأمر يتعلق بذاتي أم بأي أمر آخر. يمكنني   احتمال حركات جسدي كل يوم والألم يملؤني مثل جيب قيحي، وكل حركة تهدد بهتك الغشاء المحكم الذي يحميه من السيلان وتسميم وجودي بأسره. يجتاح اليأس وعيي أحيانًا، كما تهب الرياح القمرية على وجه القمر القاحل، وتتمايل الجياد المسربلة بالحديد باستشاطة للأمام والخلف على كل عصب. أيا سيبوليزا 2 ، ساعديني لأتذكر أنني بذلت كثيرًا لأتعلم. قد أموت بسبب اختلافي، أو أعيش ذواتي اللا نهائية. 1/3/1979 العثور على طعام لائق في هذا المكان أمر شاق، وألا أستسلم لتناول السم القديم فحسب. بل علي أن أعتني بجسدي بانتباه بقدر عنايتي بالسماد، خاصة أنه لا يبعد كثيرًا عن هذا. هل الألم واليأس اللذان يحيطان بي بسبب السرطان أم أن السرطان هو من أطلق سراحهما؟ أشعر أنني لست أهلًا لما اعتدت أن أتعامل معه سابقًا، القبح الخارجي الذي يتردد ألمًا في داخلي. 16/4/1979 تكمن جسامة مهمتنا في تغيير العال

مزايا المرض المزمن

صورة
توم لي أصبت في عشرينياتي بمرض مزمن، إلى جانب رغبة محمومة في أن أصبح كاتبًا دون أن أفعل شيئًا لتحقيقها. ويصعب علي الآن أن أفصل هاتين السمتين البارزتين عن حياتي حينئذ. لقد كنت منهكًا، إذ عانيت ألمًا دائمًا في الحلق، وصداعًا يدوم أيامًا، وتشوشًا في الذهن. وخضعت لفحوصات كثيرة لكل شيء. وذهبت للجميع؛ من أطباء ومختصين وأخصائيين في الطب التجانسي، وأخصائيي التغذية والتنويم المغناطيسي، ومعالجين بالريكي. وحين وجدت معالجتي بالإبر الصينية أنها لا تحرز تقدمًا، أحالتني إلى أستاذها الذي سألني عن الأعراض التي أشكوها أمام جمع من المتدربين، الذين ناقشوا حالتي وتتابعوا على جذب لساني خارجًا. وفي نهاية المطاف؛ قال استشاري إني مصاب بالتهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضل (أو متلازمة التعب المزمن). غير أن هذا لم يمنحني أملًا في العلاج، باستثناء عدد من جلسات العلاج السلوكي المعرفي. كنت أجهد في عملي عندما انتهى عقدي المؤقت، فغادرت لندن متجهًا إلى أمريكا الجنوبية لستة أشهر لم أشعر فيها بتحسن. انتابني قلق بعد عودتي حول مستقبلي، وارتبت في قدرتي على الاضطلاع بعمل أو مهنة أصعب. فأخذت دروسًا جامعية في الكتاب

التداوي بالحكاية

صورة
توني ديترليزي [1] حين تسمع كلمتي "سحر" و"حكاية"، فإنهما على الأرجح ستستدعيان أفكارًا من الحكايا الأثيرة في طفولتك. إذ يزخر كتاب القصص بكل أنواع السحر من قبيل الجنيات الخارقات، وعفاريت تحقيق الأمنيات، أو حتى الفتى المشتغل بالسحر. الحكّاء المغربي، لوحة لألفرد دودنك. لكني لا أتحدث هنا عن الحكايات الخرافية، بل عن السحر الحقيقي الذي يمكن استحضاره من خلال القَص. عام 2008، عانت ابنتي صوفيا- التي يبلغ عمرها عامًا ونصف- من نوبة صرع كبرى. وقد حدثت فجأة دون سبب واضح، وسيطرت على فتاتي الساحرة الصغيرة. لقد سقطت على الأرض وهي تختلج وتدور عينيها. حاولنا تهدئتها أنا وزوجتي أنجلا، غير أن إحساسًا غامرًا بالعجز استحوذ عليّ، فلم تكن هذه نوبة برد تأخذ مجراها، ولم تكن خدشًا أو كشطًا يمكننا لفه بضمادة وتهدئته بقبلة، ولم يكن عظمًا مكسورًا يمكن تعديله وعلاجه بجبيرة. طلب منا طبيب الأطفال، بعد النوبة الأولى، أن نراقب صوفيا ونعلمه فورًا إن جاءتها النوبة مرة أخرى. وقد حدث. طلب منا طبيبنا في أمهرست/ نيو إنغلند حيث نسكن، سلسلة من الفحوصات الطبية على أمل العثور على

ما علمني إياه الثعلب

صورة
آذر نفيسي هل تذكرون الثعلب؟ إنه ليس مجرد ثعلب، إنه ثعلب حصيف؛ ذلك الذي يكشف الحقيقة للأمير الصغير، الذي يكشفها بدوره للطيار، الذي يكشفها لنا نحن القراء.  يقول الثعلب للأمير الصغير أثناء وداعه له: «إليك سري، إنه سرٌ بسيط: يمكن للمرء أن يرى جيدًا بقلبه فحسب، فالعين لا ترى الجوهر». حين سمعت أبي في طفولتي وهو يقرأ لي الأمير الصغير في غرفة مشمسة في طهران لم أدرك أن القصة، إلى جانب حكايات من الشاهنامة: كتاب ملوك فارس، وبينوكيو، وكتاب الملا نصر الدين، وقصص أليس، وساحر أوز والبطة القبيحة، دونًا عن غيرها، ستصبح إحدى أسس «جمهورية خيالي».  شكلت طريقة أبي الديمقراطية في تعريفي بهذه القصص موقفي تجاه الأعمال الخيالية بوصفها فضاءات عالمية تتجاوز حدود الجغرافيا واللغة والإثنية والدين والنوع والعرق والجنسية والطبقة. كنت أعرف أنه بالرغم من أن هذا الثعلب وأميره لم يكونا سوى نتاج مخيلة رجل فرنسي، وبالرغم من أن العمل كان مكتوبًا بلغة أجنبية عني قبل أن أولد، وفي بلد لم يسبق لي رؤيته، إلا أن القصة أصبحت، بفضل استماعي وقراءتي لها لاحقًا، قصتي أيضًا، وكان الثعلب والأمير ينتميان ل

كتب في الطائرة!

صورة
جانيت ونترسن "نظرًا لما يعرفه عني من حب المطالعة..." [1] هذا ما يقوله ﭘ روسـ ﭘ رو عن رحيله من ميلان مع ابنته ومكتبته فقط. حولت كتب ﭘروسـﭘرو جزيرة منفاه القاحلة إلى مكان تحدث فيه الأمور دومًا، فالكتب نفسها تخلق الحياة. ولا شك أن هذا لكون الكتب هي الحياة والخصب والقوة، مضمنة في أشكال ملائمة يسهل نقلها. لم يكن سفر   ﭘروسـﭘرو معتمدًا على سلطات الطيران، فقد كان السفر في تلك الأيام إما بالقوارب أو على الخيول، وهذا أفضل. إذ لم يشر أحد إلى عدم قدرة المرء على حمل الكتب في يده. وعلي الاعتراف لو أن شركات الطيران لم تهدئ هذا الخطر الجديد على سلامة عقولنا، لتخليت عن السفر جوًا للأبد. إن الإهانات والإزعاجات التي يعرضنا لها أولئك الذين يزعمون أنهم يفعلون ما فيه صالحنا، لا يمكنهم أن يحسبوا منها مصادرة كتبنا. وإن كانت شركات الطيران ستجبرنا على التنقل وأدوات النظافة الشخصية مفتوحة، مثل نزلاء السجون، ودون أن نحمل الكثير على الطائرة سوى معجون الأسنان، فلتترك لنا كتابًا إذًا، حتى لو كانت من تلك التي تتوفر عند البوابة.   وسأكون سعيدة للغاية بوجود مكتبة على ال