المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, ٢٠١٨

تجاوز الحدود؛ الخطوة التالية نحو الجحيم!*

صورة
سلمان رشدي إن أثمن كتاب أملكه هو جواز سفري. وقد يبدو هذا شيئًا مغالًى في تقديره، مثل معظم المزاعم الجلية. فجواز السفر، في نهاية الأمر، ليس إلا غرضًا عاديًا. ربما لا تولي جواز سفرك كثيرًا من اهتمامك معظم الوقت. إنه وثيقة سفر مهمة، تحاول ألا تفقده، وصورتك فيه مروعة، وتاريخ انتهاء صلاحيته قريب. يتطلب جواز السفر، عمومًا، قدرًا معتدلًا من الاهتمام والرعاية نسبيًا. وحين يتعين عليك إظهاره، في نهاية كل رحلة، فإنك تتوقع أن يؤدي مهمته دون أدنى متاعب. أجل أيها الشرطي، هذا أنا، أنت محق إذ أبدو باللحية مختلفًا بعض الشيء، شكرًا لك أيها الشرطي، نهارك سعيد أنت أيضًا. جواز السفر ليس أمرًا ذا أهمية، فهو غرض عادي، إنه ليس سوى هوية. صرت مواطنًا بريطانيًا منذ أن كنت في السابعة عشرة من عمري، وقد أدى جواز سفري مهمته بكفاءة وبهدوء لوقت طويل حتى الآن، غير أنني لم أنس يومًا أن ليس كل جوازات السفر تعمل على هذا النحو. فجواز سفري الأول مثلًا، الهندي، كان شيئًا جديرًا بالازدراء. إذ أوضح بلغة بيروقراطية كئيبة أنه صالح للسفر إلى قائمة محددة –وقصيرة للغاية– من البلدان، عوضًا عن أن يتيح لحامله

دولة الرقيب

صورة
آذر نفيسي في كل مرة كنت أستعير فيها كتابًا من المكتبة المحلية في واشنطن، كان يحييني ملصق أوريلي [نسبة لأورويل] يقول "الأخ الأكبر يراقبك!". وكثيرًا ما تساءلت إن كان الآخرون يقفون لتأمل المعاني المتضمنة في هذه الكلمات، إن كانوا يعلمون كم يشوّه المجتمعَ بقوة العيشُ تحت الرقابة، فهي تمسخ آراءك، وأخلاقك، وعلاقاتك بأصدقائك وزملائك وتلاميذك، وبأي نادل وسائق سيارة أجرة تلتقيه، بل إنها تمسخ علاقتك بنفسك.   احتفظت أثناء إقامتي في طهران في ثمانينيات القرن الماضي بمفكرة أكتب فيها بلغة سرية غبية لم أعد أستطيع فك رموزها. ولأكتب عن أقاربي وأصدقائي الذين اعتقلوا أو هربوا لئلا يعتقلوا، كنت أكتبهم في قالب روائي وأجعل من نفسي شخصية؛ امرأة متطبعة بطبائع الغرب، منسلخة عن تقاليدها، وترى كل شيء باللونين الأبيض والأسود. أما أمي فقد ابتكرت رموزًا لتفادي الرقيب حين تتحدث على الهاتف، وقد كانت معظم حواراتها لامنطقية. فكانت تقول بالفارسية مثلًا "الرجل مريض" للإشارة إلى أن الأمور تمضي على نحو سيء فيما يتعلق بالنظام، ثم تهمس بتوتر "هل تفهم؟ هل تفهم؟" لقد اخترقت