المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠١٨

وجه القمر؛ من جديد!

صورة
جانيت ونترسن الصورة من فيلم رحلة إلى القمر، وهو فيلم خيال علمي فرنسي صامت بالأبيض والأسود، مستوحى من روايتي من الأرض إلى القمر وأول رجال على سطح القمر. قدم والت ديزني عام 1955 عرضًا خاصًا لفيلمه الجديد "الإنسان والقمر"، أمام الرئيس إيزنهاور وضباطه في البنتاجون، وأعلنت الولايات المتحدة بعد ثلاثة أشهر من ذلك عزمها إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء. كانت أمريكا الخمسينيات قد قايضت مزيج جنون الارتياب من   الحرب الباردة وقضية الديمقراطية، بأقصى الآمال التقليدية بالتقاط صورة على القمر. فقد نقلت الكتب المصورة والبرامج التلفزيونية التاريخ الشعبي ذا الرموز المؤثرة للحصان والبندقية، إلى هوس جديد بالسفينة والصاروخ الفضائيين ومسدس الأشعة. كان والت ديزني من المتحمسين للفضاء، فجسدت مدينة "ديزني لاند" موضوعة المستقبل جنبًا إلى جنب موضوعة الكاوبوي، لذا فإنك حيثما تجولت فيها وأنت تتناول الفشار، كل ما عليك فعله أن تستبدل خوذة فضائية بقبعتك المصنوعة من جلد الأرنب، وكان التطور بهذه البساطة فقط. لا تفصل الشخصية الأمريكية الكلمتين "علم" و "خيال" إ

قمرٌ أزرق

صورة
هيرومي كاواكامي أعود بذاكرتي أحيانًا إلى أحداث بعينها وأجد نفسي محتارة حول الوقت الذي بدأت فيه بالضبط. لقد كان يومًا جميلًا بسماء صافية، وقد منحني المبني ذو الطوابق السبعة –في الضواحي الغربية من طوكيو- إطلالة واضحة على جبل فوجي. جعل مكيف الهواء الغرفة باردة على نحو عذب، ورغم ذلك فقد بدا الاثنا عشر شخصًا تقريبًا، الذين يرتدون ثيابًا بيضاء بانتظار إجراء فحوصاتهم الطبية،  كأن لديهم أمورًا أفضل للقيام بها. لكوني شخص يقضي معظم وقته في الكتابة في مكتبي، بدأت أعتبر فحصي الطبي السنوي تغييرًا  للمشهد أكثر من كونه أمرًا يتعلق بصحتي. كنت قد فقدت السمع بأذني اليمنى منذ حوالي عشرين عامًا، وكان تعداد كريات دمي البيضاء أقل من المعدل بقليل لنحو عشر سنوات. "إن حدث تغيرٌ كبير في تعداد الكريات لديك فقد نكون بحاجة لإجراء فحوصات أكثر، لكن لا داعي للقلق" كان هذا ما يقال لي عادة. كانت مسائل صغيرة كهذه، كما بدا لي، طبيعية لامرأة في منتصف الخمسينيات، وقد يكون من المحرج قليلًا ألا أشكو شيئًا على الإطلاق. بعد أن أنهينا الفحوصات، استدعينا واحدًا تلوا الآخر للتحدث قليلُا مع الطبيب. ك

خطر القصة المُفرَدة

صورة
تشيماماندا نغوزي أدِتشي أنا قاصة، وأودّ أن أروي لكم ما أحب تسميته بـ "خطر القصة المفردةة". نشأت في مدينة جامعية في شرق نيجيريا. تقول أمي إنني بدأت القراءة في الثانية من عمري، رغم أنني أظن أن الرابعة هي الأقرب للحقيقة. وهكذا بدأت القراءة باكرًا، وما كنت أقرأه كان كتبًا للأطفال بريطانية وأمريكية، كما بدأت الكتابة في عمر باكر أيضًا. وبدأت أكتب في السابعة من عمري قصصًا بالقلم الرصاص لها رسومات ملونة، كانت أمي المسكينة ملزمة بقراءتها. كنت أكتب قصصًا من نوع القصص التي أقرأها تمامًا، إذ كانت كل شخصياتي لها بيضاء البشرة وزرقاء العينين. كانت الشخوص تلعب بالثلج، وتأكل التفاح، وتتحدث عن الطقس وروعة سطوع الشمس. وهذا على الرغم من أني أعيش في نيجيريا ولم أسافر خارجها أبدًا. فلا يهطل فيها الثلج، ونحن نأكل المانغو ولا نتحدث عن الطقس أبدًا، لأنه ليس ثمة ضرورة. كانت شخصياتي أيضًا تشرب بيرة الزنجبيل، بمعزل عن كوني لا أملك أدنى فكرة عما تكون، ولسنوات عديدة بعد ذلك انتابتني رغبة جامحة في تذوقها. لكن هذه قصة أخرى! ما يبينه هذا، برأيي، مدى انقيادنا وهشاشتنا في مواجهة القصة. وبخاصة ب

الوصفة السحرية

صورة
جون شتاينبك عزيزي الكاتب: لا بد أنه قد مضى ألف عام منذ جلوسي في صف كتابة القصص في ستانفورد، ومع ذلك ما زلت أذكر تلك التجربة بوضوح. كنت متلهفًا حاضر الذهن متأهبًا لاستيعاب المعادلة السرية لكتابة قصص قصيرة جيدة، بل عظيمة. وسرعان ما تلاشى هذا الوهم، فالطريقة الوحيدة لكتابة قصة قصيرة جيدة –كما أخبرونا- هي كتابة قصة قصيرة جيدة! وبعد كتابتها فقط يمكن تفكيكها والنظر إلى طريقة كتابتها. كما أخبرونا أنها –القصة- الشكل الأكثر صعوبة بدليل قلة القصص العظيمة في العالم. كانت القاعدة الأساسية التي تعلمناها بسيطة وفاجعة، فكي تكون القصة مؤثرة لا بد أن تنقل شيئًا ما من الكاتب إلى القارئ، وكانت قوة عرضها هي مقياس جودتها. عدا ذلك، لم يكن هنالك قواعد. يمكن للقصة أن تكون عن أي شيء وأن تستخدم أي وسيلة وأي تقنية على الإطلاق ما دامت فعالة. ويبدو من الضروري، كفرع من هذه القاعدة، أن يعرف الكاتب ما الذي يريد قوله، أو باختصار عمّ يتحدث. وكتدريب على ذلك، كان علينا أن نجرب اختزال قصصنا إلى جملة واحدة، وعندها فقط نستطيع معرفة ما إذا كانت صالحة بما يكفي لعرضها في ثلاثة أو ستة أو عشرة آلاف كلمة.